-A +A
علي الرباعي (الباحة)
ربما لم يعد يردد بعض السعوديين اليوم مع الراحل محمود درويش (في الانتظار يصيبني هوَسٌ برصد الاحتمالات الكثيرة)، ولربما كان الأقرب من الأمثال والحكم على لسان الحال والمقال (ليالي العيد تبان من عصاريها)، إذ إن الموعد السنوي لإعلان الميزانية التقديرية للدولة خرج من كونه محط أنظار ومتابعة الشعب السعودي، ولم يعد كما كان الأمر عليه منذ عهد الملك المؤسس حتى زمن ما قبل الفضاء المفتوح.

وفي عهد ما قبل الصورة، كان المذياع سيّد اللحظة، ولم تكن جميع المنازل تحتكم على وفرة تمكنها من شراء وسيلة الإصغاء لصوت الأثير، ما يدفع البسطاء ممن تبهجهم أرقام الميزانية العامة إلى الاجتماع بعد صلاة العشاء في بيت من يملك مذياعا والإصغاء لمذيع النشرة (علي البعداني)، وهو يقرأ بالحدر أرقاما ويقدم بشارات ويعلن عن خطط تنمية.


وربما أفسد التلفزيون شيئاً من متعة سماع المذياع إذ غدت الصورة سيدة الموقف، ومحت معه متعة الخيال. فحضر في حقبات متوالية (بكر يونس، بدر كريم، محمد الشعلان، محمد حيدر مشيخ، عبدالرحمن يغمور) وغيرهم من المذيعين الألمعيين؛ ولعل أكثرهم رسوخاً في ذاكرة السعوديين الراحل (سليمان العيسى) كونه ارتبط بعهود ثلاثة ملوك وثلاث طفرات نوعية.

ومن الممكن ألا تبقي الفضائيات بمحلليها الاقتصاديين، ووسائل التواصل العامرة بتوقعات الكثيرين من المتخصصين والمتطفلين شيئا من لذة الترقب للميزانية هذا العام التي توقع عدد من الخبراء الاقتصاديين، أن يكون العجز فيها أقل مما كان مقدرا في بداية العام نتيجة للسياسات الحصيفة خلال الفترة المنصرمة من العام.

وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور علي الدقاق أن الدولة باعتمادها سياسة توفير المعلومة المؤكدة والمبكرة، قللت من شغف المجتمع وترقبه إعلان الميزانية، مشيرا إلى أن الشفافية تحد من صدمة الأرقام باعتبار أن التوقعات لميزانية هذا العام حاضرة عبر كافة وسائل الإعلام والتواصل.

مؤملاً أن يسعد المجتمع بسماع ما يسره في ميزانية هذا العام شأن الدولة مع شعبها عند إعلان الميزانية السنوية. مثمناً لوزارة المالية حضورها المبكر بالأرقام والمعلومات ما قطع الطريق على التخرصات والشائعات وتحميل الأمور ما لا تحتمل.